لنتوحد في الاول من أيار لمواجهة الاحتلال وغول الفقر والانقسام
بقلم النقابي
محمد العاروري
أمين سر منظمة التضامن العمالية
عضو الامانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين
ياتي الاول من أيار هذا العام في ظروف صعبة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، حيث تواصل اسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا واعلاميا وتمعن في التنكر لحقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة في حدود الرابع من حزيران 1967 وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الامن والامم المتحدة ، وتوصل سياسة القتل واقتحام المدن وتهويد القدس بهدم البيوت ومصادرة الاراضي وفرض الحصار الخانق عليها وعلى كامل قطاع غزة واستمرارها في وضع حواجز الموت والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ومصادرة آلاف الدونمات وتهجير آلاف الاسر الفلسطينية وتسريع سياسية الاستيطان وسرقة الاراضي والمياه والتنكيل بالاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام .
وياتي الاول من أيار في ظروف اقتصادية صعبة حيث لا زالت نسبة البطالة والفقر من أعلى معدلاتها في المنطقة نتيجة السياسة الاسرائيلية بالاستيلاء على الاراضي والمياه وفرض الحصار ونشر الحواجز واغراق السوق الفلسطينية بالبضائع الاسرائيلية المنافسة للمنتجات الفلسطينية الزراعية والصناعية وغيرها .
وكذلك نتيجة سياسة السوق الحرة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية مما يتيح فتح السوق الفلسطينية على مصراعيه أمام المنتجات الاسرائيلية والاجنبية في الوقت الذي لا تسيطر فيه السلطة الفلسطينية على المعابر والحدود والموارد وخاصة الارض والمياه والتواصل الجغرافي بين مدن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والعالم الخارجي ، مما أدى الى عدم قدرة المنتجات الفلسطينية على المنافسة واغلاق مئات المنشئات الصناعية والزراعية وتسريح العاملين فيها ليزداد جيش العطلين عن العمل والفقراء ، ومما يزيد الوضع سؤا عدم وجود استراتيجية وطنية للتعليم العالي بأن تكون مخرجات التعليم متوائمة مع حاجة سوق العمل مما أدى الى تخريج آلاف الطلبة من الجامعات وكليات التعليم العالي بدون ان يجدوا فرص عمل وبهذا التحقوا بجيش العاطلين عن العمل الذي يزداد يوما بعد يوم ، هذا اضافة الى أن ألاف الطلبة من خريجي التوجيهي لا يستطيعون الالتحاق بالجامعات الفلسطينية نتيجة خصخصة التعليم العالي وارتفاع الاقساط الجامعية وتكاليف التعليم الاخرى وايجاد سياسية التعليم الموازي الاغياء وحرمان أبناء ذوي الدخل المحدود والفقراء من حقهم في التعليم الذي هو حق انساني واضرارهم للالتحاق في سوق العمل اغير قادر اصلا على استيعاب الخريجين من الجامعات فيضافون الى العاطلين عن العمل والفقراء . ان عدم مواجهة مشكلة الفقر والبطالة بسياسة استراتيجية للسلطة الفلسطينية تنعكس في برانامج الحكومة وموازنتها لخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل والخريجين يعني زيادة حدة المشكلة وتخلي السلطة عن مسؤولياتها وتعهداتها بتخفيض نسبة الفقر والبطالة وحرمان العملين من حقهم في العمل وتكون النتيجة هجرة طوعية للشباب ذوي الكفاءات وهذا يتعاكس مع خطة الحكومة المعلنة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية حيث ان بناء مؤسسات الدولة عمودة الفقري بناء الانسان والاستثمار في الموارد البشرية التي هي المورد الاساسي في فلسطين كونها محرومة من الموارد الطبيعية أومسيطر عليها من قبل الاحتلال الاسرائيلي ، وان أحد أركان بناء مؤسسات الولة أيضا هو التشريعات والقوانين التي تنظم حياة المجتمع الديمقراطي المدني ومنها حرية الرأي والتعبير والمشاركة في صنع القرار من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية ومنظمات المجمع المدني من احزاب ونقابات عمالية ومهنية واتحادات شعبية وقوانين اقتصادية تساهم في بناء اقتصاد وطني مستقل وتنمية اقتصادية تساهم في زيادة الدخل القومي وتمتص الزيادة في الخريجين من خلال خلق فرص عمل جديدة ، سياسة اقتصادية تحمي المنتجات الفلسطينية وتحمي المستهلك من جشع التجار وتحديد اسعار ودعم السلع الاساسية لتمكين الفقراء من اللحصول على حقهم في الغذاء والدواء والتعليم والعمل ، تشريعات توفر شبكة حماية اجتماعية لافرد المجتمع مخاصة العاطلين عن العمل والفقراء وذوي الدخل المحدود تشريعات توفر حرية التنظيم في الاحزاب السياسية والنقابات وتحمي السياسيين والنقابيين وتوفر لهم حرية التعبير وممارسة النشاط السياسي والنقابي ، مثل قانون الاحزاب السياسية وقانون الضمان الاجتماعي وقانون تنظيم العمل النقابي وقانون الحماية من البطالة وقانون الحد الادنى من الاجوروغيرها الكثير ، وحماية تطبيق هذة التشريعات يحتاج الى سلطة قضائية مستقلة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذة وقوية وواسعة الصلاحيات عندها القدرة على محاسبة المتعدين على القانون ومحاسبة الفاسدين والمحاسبة على اهدار المال العام ، بهذا من الممكن أن نقول أننا نسير قدما على طريق بناء الدولة ومؤسساتها القوية الدولة التي ضحى من أجلها عشرات الآف الشهداء والجرحى وعانى ويعاني من أجلها عشرات آلاف الاسرى دولة لكل مواطنيها لا فرق بينهم في الانتماء الديني او السياسي أو العرق او اللون أو الغنى أو الفقر دولة تسودها العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص ، دولة يتم توزيع الدخل القومي والمنح والمساعدات الدولية للشعب الفلسطين على كافة فئات وشرائح المجتمع لا أن يمتص القطاع العام من رواتب واجور عقارات وسيارات ومحروقات ومصاريف جارية معظم الدخل والمساعدات الدولية وتفرض على العاملين وخاصة ذوي الدخل المحدود ضرائب اضافية على رواتبهم ومكافئة نهاية خدمتهم ، توزيع عادل للدخل يضمن حماية المزارعين من اعتداءات المستوطنين على مزارعهم وحمايتهم من الكوارث بسبب الحرب والاحوال الجوية لتمكينهم من البقاء على أرضهم لحمايتها لان المعركة مع الاحتلال تدور على الارض ، ونعيد التذكير بأن اهم عناصر مكوناتها رقعة الارض التي ستقام عليها .
وياتي انعقاد مؤتمرنا في ظل ظروف صعبة تعيشها الحركة النقابية الفلسطينية ، حيث تعاني من الانقسام الداخلي وما يؤدي ذلك الى الضعف وتهميشها وعدم قدرتها على القيام بمسؤلياتها في الدفاع عن حقوق العاملين من خلال الضغض لاقرار قوانين وتشريعات عادلة تصون حقوق العاملين وكذلك القيام بتظيم العاملين الفلسطينيين في فلسطين وكافة أماكن اللجوء والشتات للقيام بواجبهم في النضال الوطني ضد الاحتلال من أجل العودة الحرية والاستقلال وبناء الدولة كاملة السيادة على الاراضي المحتلة عام 1967 بعاصمتها القدس .
فوجود اتحاد نقابات عمال فلسطين الذي تأسس داخل الوطن وما يتفرع عنه من نقابات وفروع عانى من الضعف سنوات طوال بعمر الاحتلال لاسباب موضوعية تتمثل في قمع الاحتلال للشعب الفلسطيني وخاصة حركته النقابية كونها رائدة في التصدي لسياسته منذ العشرينات من القرن الماضي وخلال عمر الاحتلال ومداهمة الاحتلال لمقرات النقابات ومصادرة محتوياتها وقتل واعتقال وابعاد قياداتها وفرض القوانين والاوامر العسكرية التي تحول دون تمكنها من النشاط والعمل على حماية جماهيرها ، وطوال سنوات الاحتلال عمل على تطبيق سياسة الالحاق الاقتصادي وعدم تمكين بناء اقتصاد فلسطيني ومحدودية الصناعاة الكبرى التي تستوعب أيدي عاملة حيث استغل المناطق المتلة كسوق للعمالة الفلسطينية الرخيصة وبالتالي حرمان هؤلاء من الانتظام في النقابات الفلسطينية وفرض عليهم دفع ضرائب لمحكمة الاحتلال بما في ذلك رسوم التنظيم النقابي للهستدروت اضافة الى ضعف الامكانيات المالية لهذه النقابات وهذا سهل من سيطرة الفصائل على بعض النقابات حسب القدرات المالية لكل فصيل من هذه الفصائل .
أما الظروف الذاتية فتتمثل في السباق المحموم من قبل فصائل م.ت. ف لتشكيل النقابات الضعيفة والموازية لنقابات أخرى لفصائل منافسة والسيطرة عليها واستخدامها كواجهات لها في ظل العمل السري لهذه الفصائل واستمر الوضع على ما هو علية بالرغم من قيام السلطة الفلسطينية وتوحيد اتحاد النقابات توحيدا شكليا فوقيا وبالرغم من محاولات اعادة تشكيل النقابات الا أن جمهور العاملين بقي عازفا عن الانخراط في هذه النقابات التي تقوم الكتل العمالية التابعة للاحزاب بتشكيلها دون اشراك الجمهور الواسع من جمهورها العمالي لضمان سيطرتها على قيادة هذه النقابات وبالتالي قيادة الاتحاد ، ان عدم تمكين جمهور العمال الواسع من ممارسة حقه في الانتخاب والترشح والوصول الى قيادة النقابات والاتحاد ادى الى مبادرة جمهور العاملين في بعض القطاعات ونظرا للحاجة الملحة للانتظام والدفاع عن حقوقهم والمحافظة عل مكتسباتهم والقيام بتشكيل نقابات تجري انتخاباتها بانتظام وتعقد اتفاقات جماعية مع اصحاب العمل وتححق انجازات لجمهورها مما ادى الى ظهورها كنقابات قوية ، ورفضت هذه النقابات الانضمام الى الاتحادات الموجودة لمعرفتها ان قيادة هذه النقابات غير معنية باجراء انتخابات ديمقراطية واعادة النظر في برامجها وهياكلها مما يستوعب هذه النقابات الجديدة مما استعى هذه النقابات لتطوير آليات التنسيق بينها وصولا لتشكيل اتحاد النقابات المستقلة للحاجة المساسة لرص صفوفها للدفاع عن حقوق جمهورها الواسع التيي تتقاطع في غالبة الاحيان مطالب العاملين فييها .
أما اتحاد عمال فلسطين والذي هو احد القواعد الشعبية الاهم لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي كان له دورا هاما في تنظيم عمال فلسطين في معظم أقطار اللجوء والشتات وخاصة في الدول العربية والعديد من دول العالم وزجهم في النضال الوطني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ولعب دورا في الدفاع عن حقوق العاملين في بعض اماكن اللجوء على ضوء القوانين السارية التي تسمح بذلك وانخرض العديد من اعضائه في النقابات العمالية في تلك الاقطار وأصبح ولا زال عضوا هاما في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب واتحاد النقابات العالمي .
ولكن وبعد قيام السلطة الفلسطينية وعودة العديد من قيادة م.ت.ف وقيادات المنظمات الشعبية بما فيها العديد من قيادة اتحاد عمال فلسطين الى ارض الوطن ، وبدل ان يتوحد الاتحادين في اتحاد عمالي واحد لعمال فلسطين في الداخل والخارج مقره الرئيسي أرض الوطن نشبت خلافات حادة بين بعض قيادة اتحاد نقابات عمال فلسطين واتحاد عمال فلسطين ولا زالت الخلافات تعصف في الاتحادين رغم تدخل العديد من الجهات السياسية والنقابية المحلية والعربية والتي كان آخرها قراري المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بضرورة توحيد وتطويروتفعيل الحركة النقابية على قاعدة اجراء الانتخابات الديمقراطية على قاعدة التمثيل النسبي الكامل الا أن تمسك بعض أعضاء قيادة الاتحادين بموقفه أدى الى زيادة حدة الانقسام العمودي والافقي أي تشكيل نقابات موازية تحمل نفس الاسم في نفس القطاع ونفس المحافظة واقامة فرع في المحافظات لكل اتحاد من الاتحادين مما أوقع العمال في حيرة كبيرة وخلق عندهم تساؤلات كبيرة عن اسباب هذا الانقسام والتشرذم في الحركة النقابية وعدم قدرة المنظمة وفصائلها المشاركة في الاتحادين على توحيدها على الاهداف الاستراتيجية وتطوير وتفعيل دورها في الدفاع عن حقوق شعبنا وعمالنا بشكل خاص أدى الى اضعافها وتهميشها امام اصحاب العمل والسلطة والاحزاب السياسية مما يطرح تساؤلا مشروعا على النقابيين الحقيقين والعمال المتضررين أن هؤلاء وخاصة أصحاب العمل والحكومة مستفيدون من هذا الانقسام وبالتالي ضعف الحركة النقابية لتمرير القوانين المجحفة بحقهم وسحب المكتسبات التي انتزعتها الحركة النقابية على مدار العقود الماضية وتمرير سياسة البنك الدولي وشروط الدول المانحة الرأسمالية التي تسحب مكتسبات الحركة النقابية العربية والعالمية .
ورغم ذلك فان المطلوب من كافة الكوادر العمالية المخلصة للمصلحة العليا للطبقة العاملة أن تناضل من خلال تواجدها في كافة الاتحادات والنقابات العمالية والائتلافات من أجل حركة نقابية موحدة على الاهداف الاستراتيجية لشعبنا وعمالنا في الوحدة ا :-ومن أجل العودة والحرية والاستقلال وبناء الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس ينهم ابنائها بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية .