مصر والأطماع الصهيوأمريكية
محمد ناصر نصار
ان مقالاتي السابقة والتي بعنوان ليونارد لويس مخططات أم تنبؤات ، ومقالة غزة بوابة اطماع إسرائيل في سيناء لم تكن نتيجة قراءات لحظية ، بل كانت قراءات متتبعة ومتصلة للواقع الذي نحياه اليوم في ظل الربيع العربي ، وفي هذا المقال نستعرض لكتاب رائع وهو بعنوان الإستعمار والصهيونية وجمع المعلومات عن مصر "ضمن سلسلة نحو وعى سياسي واستراتيجي وتاريخي " ، بقلم الأستاذ الدكتور حامد عبد الله ربيع آخرون نشرت في الصحافة المكتوبة المصرية في العام 1983 ، ويدور هذا الكتاب حول حرص القوى الاستعمارية والصهيونية وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل على جمع المعلومات عن مصر عبر مؤسسات عالمية ومحلية، وعبر الجواسيس الذين يتزينون بزي العلماء، بهدف التعرف على مصر من الداخل وتحليل خصائص منطقها، وأسلوب التعامل مع عقليتها، وعقلية قياداتها الفكرية والسياسية والعسكرية وذلك بهدف السيطرة عليها ، وينبع ذلك من أجل الوصول لأفكار استراتيجية لكل من اسرائيل وأميركا في المنطقة بسبب دور مصر الريادي في الدول العربية بالإضافة الى ان اسرائيل تعتبر مصر الخطر الاكبر في المنطقة ،ويتساءل الكتاب عن أهداف السياسة الإسرائيلية البعيدة المدى والتي تتفق مع السياسة الأمريكية والتي تهدف الى تجزئة المنطقة العربية وتحويلها إلى كيانات صغيرة يسيطر عليها مفهوم الدول الطائفية ، وتفتيت مصر الى دويلات اربع قبطية واسلامية وبربرية وسيناء مع شرق الدلتا والتي تطمع فيها اسرائيل ، ويقول الكاتب حامد ربيع رحمه الله ان اسرائيل هو اداة الهيمنة الامريكية في المنطقة وانهما تستخدما مفهوم الاستعمار الجديد والذي يرتكز على أن تفتيت الإرادة القومية للعالم العربي تقوم على تشجيع الشعوبية مثل العربية والكردية و الفرعونية و تدعيم مفهوم الولاء الطائفي مثل الشيعة والسنة والاقباط ،و مساندة الزعامات الضعيفة ودفعها إلى موقع السلطة، و خلق طبقات منتفعة طفيلية، كما ان الاستعمار الجديد يستخدم جميع أساليب التسميم السياسي و نشر الكراهية ضد العالم العربي والإسلامي وضد الإسلام تحت شعار محاربة الإرهاب ، بطبيعة الحال قامت امريكا واسرائيل تحت مسمى مشاريع وتدريب وتطوير الدول النامية بجمع المعلومات واستكشاف الدول العربية لتخرج بسياسة جديدة وهي فرض هيمنتها على المنطقة وامتصاص خيرات الدول العربية ، وتأديبها أن لزم الأمر بإسرائيل او الضغط العالمي والحصار او الهجوم الامريكي المباشر كما حصل مع العراق ، أنا شخصيا لست ضد الربيع العربي ولكن أشعر بالقلق تجاه مستقبل الدول العربية وأخشى أن يكون المقصود هو تفتيت الدول العربية الى دويلات طائفية ، وإقطاعيات يحكمها أمراء الحروب وبقايا الأنظمة السابقة ، وتتحكم فيهم الدول الأجنبية والشركات العابرة للقارات ، في تقدير ان مخططات ليونارد لويس وإستقراءات المرحوم حامد ربيع لم تأت من فراغ بل من حرص دائم للولايات المتحدة واسرائيل في الحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية وإبقاء وسائل الهيمنة وفرض السيطرة على الشعوب يبقيها في حالة انشغال دائم في التخطيط ورسم السياسات الاستراتيجية لإبقائها على هرم السيطرة العالمية وبسط أفكارها ومعتقداته طواعية أو كراهية ، او حتى استعباد الامم والشعوب إلا أن نهايتهما ستكون اقرب مما نتصور فكل إمبراطورية مصيرها الانقراض هذا جوهر ما تحدث عنه الكاتب الفرنسى ديروذيل ويتوقع أن الولايات المتحدة لن تعيش أكثر من ربع قرن آخر .