الاثنين، 14 سبتمبر 2009

اراء في الورقة المصرية

مصطفى الصواف : الورقة الخدعة لم تحمل الورقة المصرية شيئا جديداً ذا قيمة يمكن أن يبنى عليها ما يؤدي إلى إنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة الفلسطينية، بحيث أن ما اشتملت عليه الورقة وفق ما نُشر في الإعلام فيه من العموميات الكثير وهذه العموميات سوف تغرق في التفاصيل وفيها الكثير من الفخاخ التي من الواجب الحذر منها. قراءة متأنية فيما ورد في الورقة المصرية يتضح على الفور أن مصر لازالت منحازة رغم وجود بعض المؤشرات التي توضح أن الجانب المصري أخذ بعض الملاحظات التي يمكن التوصل فيها إلى حل لو تم علاج القضايا المستعصية التي بحاجة إلى معالجة حازمة، ولو بقيت في عمومياتها فهي قابلة لتفجير أي اتفاق ترغب مصر بالتوصل إليه، لأنه يبدو أن الفريق المصري قدم الورقة كنوع من رفع العتب بعد أن فشلت في تحقيق تقدم في القضايا الجوهرية على مدى الجولات السبعة الماضية، وهي الآن بهذه الورقة تريد أن تُلقي فشلها على الفصائل الفلسطينية أو بالتحديد على حركة حماس. قضيتان أساسيتان تجعلنا غير متفائلين كثيراً بأن الورقة المصرية يمكن أن تحقق مصالحة أو تكون مقبولة على حماس أو حتى فتح، ولكن قبل الحديث عن هاتين القضيتين، نريد أن نطرح السؤال التالي : هل الورقة المصرية في تصور من وضعها مغلقة ويجب الأخذ بها على علتها ودون أن تُفتح للنقاش أو المراجعة وإبداء الملاحظات المختلفة، أم أن الورقة هي مقترح للأخذ والتعديل والتغيير والتبديل؟؟. إذا كان الأمر يحتمل النقاش بعد فتح الورقة يمكن عندها إمكانية أن تُحقق الورقة تقدما على صعيد التوصل لاتفاق بين الفصيلين الأكبر فتح وحماس ومباركة بقية القوى الفلسطينية، لأنه من الصعب قبول الورقة على علاتها إلى جانب أنه ليس من المنطق فرض ورقة للمصالحة فرضا على القوى. أما القضيتان، فالأولى ما تحمله الورقة في موضوع المعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وما يتبعها من ملاحقة ومطاردة وإقصاء لحركة حماس، فالورقة تقول توقيع الاتفاق ثم النظر فيما بعد بقوائم المعتقلين عبر لجنة فيها منظمات حقوق الإنسان وتحديد من سيتم الإفراج عنهم والتباحث في من عليهم اعتراضات من قبل كل من فتح وحماس، كان الأجدر للراعي المصري أن يقدم التوقع على الاتفاق بتبييض السجون في الضفة الغربية ولا استبعد أن تقدم حماس بادرة حسن نية وتقوم بالإفراج عن المعتقلين من حركة فتح ما لم يكونوا قد ارتكبوا جرائم جنائية، لأن التوقيع على الاتفاق قبل إنهاء قضية المعتقلين السياسيين سيبقي الاتفاق حبرا على ورق وبلا قيمة لأن الاتفاق متوقف على إنهاء ملف الاعتقال وعودة الحياة الطبيعية إلى الضفة الغربية. وقد يقول البعض لماذا وضع الشروط والعقبات قبل الاتفاق، ليتم الاتفاق ثم الحديث على القضايا الأخرى لأن المهم هو إنهاء الانقسام، وأنا هنا أقول هل يعقل أن يُخاط الجرح دون تنظيف للميكروبات والجراثيم، فلو تم إغلاق الجرح دون تنظيف لكل هذه الميكروبات والجراثيم فسرعان سينفجر نتيجة تفاعل هذه الميكروبات داخل الجُرح، مما سيضطر معه الأطباء إلى فتح الجرح مرة أخرى، وعندنا شاهد وهو اتفاق مكة الذي لم يعالج كل القضايا فكانت النتيجة انفجار الموقف وحدوث عملية التغيير التي وقعت في 14-6-2007 أو ما يسمى بالحسم العسكري. والقضية الثانية هي موضوع الأجهزة الأمنية، ما يفهم من الورقة أن المقصود بالأجهزة الأمنية في قطاع غزة وليس الضفة وغزة بدليل موضوع الـ 3000 جندي المراد إدخالهم في أجهزة الشرطة والأمن الوطني والدفاع الأمني والتي وافقت عليه حماس، وترى الورقة المصرية إمكانية الزيادة ولم تتطرق الورقة إلى الأجهزة الأمنية في الضفة وهي على ما اعتقد في الورقة مغلقة وغير قابلة لإعادة التشكيل على أسس وطنية مهنية والأسباب الجميع يعرفها وليست بحاجة إلى توضيح أو تفسير. وعليه أدعو حركة حماس إلى الثبات على مواقفها ورفض الورقة المصرية إذا بقيت على ما هي عليه وأنها غير قابلة للتعديل أو الإضافة، لا اعتقد أن حماس يمكن لها أن توافق على ورقة هي أشبه بالفخ المنصوب لحركة حماس، وهي خدعة مصرية فيها وهم كبير، لذلك على حماس أن تكون كما عودتنا صلبة في مواقفها لأنها نابعة من المصلحة الوطنية الفلسطينية، وعلى حماس ألا تخشى من مصر أو بطشها فلن تفعل أكثر مما تفعل، والثبات من قبل حماس سيجعل مصر تعدل من مواقفها لأن في ذلك ما يحقق لها مصلحة هي بحاجة إليها. فارس عبد الله:الورقة المصرية... " أوهام تبادل السلطة بالانتخابات " تجربة الانتخابات الفلسطينية كوسيلة لتبادل سلطة مطوقة بالاحتلال , ومرهونة للاتفاقيات معه, ومخنوقة بالمال السياسي , الذي يمارس من خلاله الابتزاز والضغط على الجانب الفلسطيني, تحتاج منا دراسة هذه الوسيلة ومدى ملاءمتها للواقع الفلسطيني , والذي يعيش في مرحلة تحرر وطني, وهل هناك استقرار سياسي واقتصادي داخل الأرض الفلسطينية المحتلة, يوفر المناخ السليم لتبادل السلطة عبر الانتخابات ؟! وهل يقبل المحتل التعامل مع الإرادة الوطنية الحقيقية للشعب الفلسطيني التي تفرزها الانتخابات كما يتعامل العرب والعالم كله مع القيادات الصهيونية المختلفة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين بزعم أنهم خيار الجمهور الصهيوني !! وهل نحن الفلسطينيين وخاصة الفصائل الفلسطينية قادرة ومستعدة للدفاع عن خيار الشعب الانتخابي والمحافظة عليه ؟! وهل تعمقت لدا فصائلنا ثقافة صندوق الاقتراع والالتزام بنتائجه حتى لو كانت مخالفة لأهوائهم ومزاجهم ؟!. بالرغم من نجاح تجربة الانتخابات الفلسطينية في يناير 2006 شكلاً , من خلال إجرائها في أجواء اتسمت بالنزاهة من حيث الأداء والنتيجة , فلقد أخرجت الصناديق ما كان هو خيار الشعب , إلا أن هذه النتيجة لم ترق للمجتمع الدولي الظالم , فرفض النتائج والتعامل معها ومع الحكومة التي سوف تفرزها, بل وصل الأمر إلى رفض التجربة ذاتها في تعارض واضح مع ما يزعمه الغرب من إيمانه بالمفاهيم الديمقراطية , بحجة أن تلك التجربة ليس لها قداسة , طالما جاءت بفريق إرهابي أو متطرف على حد زعمهم , وفى ذلك عداء لمجموع الشعب الفلسطيني الذي اختار ذلك الفريق , وللأسف انساق خلف هذا الرفض أو شجعه , جزء من التركيبة السياسية الفلسطينية , قد يعود ذلك إلى وقع الصدمة من الهزيمة المدوية , أو إلى العداء مع ذات المنهج , الذي حقق الانتصار في صناديق الاقتراع , للون الإسلامي الذي يحمله أو النهج المقاوم الذي يعتمده. بعد رفض نتائج العملية الانتخابية في يناير 2006 م من قبل الكيان الصهيوني وحلفائه , دخلت الساحة الفلسطينية في كثير من الأزمات والمحن كان عنوانها البارز إسقاط تلك التجربة والانقلاب عليها , فلقد تم فرض الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وقطعت أموال الدعم السياسي , وجمدت حسابات الحكومة في البنوك , ورفضت البنوك التعامل مع الحكومة الفلسطينية , ووضعت الشروط التعجيزية للتعامل مع الحكومة التي أفرزتها الانتخابات وعلى رأسها الاعتراف بـ(إسرائيل) وتمت مقاطعة وزراء الحكومة الفلسطينية من اللقاءات السياسية مع الدول الأوروبية وغيرها , ويا ليت توقف الأمر عند هذا الحد بل أن فريقاً فلسطينياً انتقم لخسارته في الانتخابات , من خلال مشاركته في حصار خيار الشعب , ولو كانت ثقافة تداول السلطة متأصلة في الوعي السياسي والوطني , لذاك الفريق لخفف من وطأة تلك الإجراءات الخارجية , التي طالت كافة أبناء الشعب الفلسطيني , وكان له شرف الدفاع عن تجربة انتخابية فلسطينية فريدة من نوعها, إلا أن الحزبية والعصبية وصدمة الخسارة الفادحة , جعلت بعض كبار منظري وإعلامي هذا الفريق , قال " سنجعل الشعب يندم على اختياره " !! وهو بذلك يسجل على نفسه وعلى فريقه , عدم قناعته بصندوق الاقتراع , وهنا تكمن الإشكالية من خلال غياب ثقافة قبول الآخر, وعدم الالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية والتسليم بها, وزد على ذلك التحريض الداخلي وتقزيم الحكومة ودورها السياسي والإعلامي , وسحب كل أدوات القوة الأمنية من الحكومة وربطها في مكتب الرئاسة , وتشجيع بعض الموظفين للتمرد والإساءة للوزراء في سابقة خطيرة هددت النظام السياسي الفلسطيني ومؤسساته بالانهيار الشامل , بالإضافة إلى التآمر مع جهات خارجية "أمريكية" للإطاحة بالواقع الذي أنتجه صندوق الانتخابات , فكان التجييش والتدريب والتمويل للقوات الأمنية والاشتباك المباشر ووقع الانقسام الحاصل. وعلى المستوى العربي الرسمي, من حكومات ووزراء، فلقد مورست المقاطعة عربياً باستثناء بعض الدول القليلة , اتجاه من وقع عليهم اختيار الشعب الفلسطيني , فرفضت العديد من الدول العربية المصنفة ضمن الدائرة الأمريكية , استقبال وزارء الحكومة الفلسطينية , وإذا أجبرت على ذلك فيكون اللقاء دون المستوى البروتوكولي المعمول به , واحتجز وزراء الحكومة في الطائرات , ولم يسمح لهم بالنزول في العواصم العربية , حتى أن الجامعة العربية وقفت عاجزة أمام كسر الحصار , وفشلت في إيصال أموال الدعم العربية للحكومة الفلسطينية , بالرغم من اتخاذها أكثر من قرار , في اجتماعات وزارء الخارجية العرب لرفع الحصار , إلا أنه لم ينفذ إلى تلك اللحظة , وكل ذلك يعود إلى الممارسات العملية لمقاطعة وحصار خيار الشعب الفلسطيني , من حكومة ونواب ووزراء تم اختيارهم , وفقاً لأسس ديمقراطية متقدمة لم تصل إليها الكثير من البلدان العربية. لذا يتضح لنا بأن التجربة الانتخابية الفلسطينية تم رفضها بالجملة فلسطينياً ( فريق السلطة) عربياً ودولياً , بل عوقب الشعب الفلسطيني من كافة الأطراف على خياره الديمقراطي , فهل من الحكمة المطالبة بانتخابات عاجلة دون فكفكة الملفات الشائكة التي أوصلتنا إلى الانقسام ونتائجه الكارثية؟ وهل بالفعل من خلال الانتخابات ستتم معالجة الانقسام وآثاره؟!. البعض يطالب بالانتخابات ليس لأنها الدواء لداء الانقسام ولكن في اعتقاده الخاطئ بأن الأحداث المأساوية وخاصة الحصار والعدوان الصهيوني , الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ انتخابات 2006 م , سيجعل الناخب الفلسطيني ينتخب ويبدل خياراته , وكما دخلت حماس الحلبة السياسية بالانتخابات سنخرجها أيضا بالانتخابات , فهل يتحقق ذلك أمام واقع سياسي يقول , بأن حماس أصبحت قوة لا يمكن الاستهانة بها جماهيرياً وعسكرياً وأمنياً وإدارياً؟ وهل من الحكمة والمصلحة العليا إجراء انتخابات وطنية في ظل استمرار الانقسام وعدم معالجة آثاره الكارثية في الضفة وغزة , وهذا يستغرق وقتاً طويلاً قد لا ينتظره من حصر غايته ومبتغاة في الانتخابات؟ فلقد أرهق الشعب والنتيجة محسومة كما يعتقدون. وبعد أن سلمت الرؤية المصرية للفصائل الفلسطينية, نرى أن تلك الرؤية قد أبقت نتائج الانقسام قائمة حكومة في غزة وأخرى في الضفة, وكما أنها لم تنه ملف المعتقلين السياسيين رغم الإجماع الفلسطيني على تجريم هذا الفعل المنكر , وفي الورقة المصرية إغفال واضح لمسألة حساسة , وهي ملف اعمار غزة بعد الحرب الصهيونية , وهل تم تأجيله إلى ما بعد الانتخابات التي هي النقطة الأساس في الورقة المصرية ؟! , من الملاحظ أن الورقة المصرية هدفها الانتخابات, حتى لو تم تأخيرها لستة أشهر, بالرغم من اعتراض حركة فتح على لسان عزام الأحمد, على هذا التأجيل لمدة قصيرة قياساً مع حجم الاستعدادات المطلوبة لإجرائها بما يكفل ضمان نزاهتها في الضفة وغزة, وأمام المطلب الانتخابي فإن الأجواء غير سليمة لاستحقاق انتخابي, في ظل غياب التوافق الحقيقي بين الفصائل الفلسطينية فلماذا لا نبحث بدلاً من الموعد الانتخابي, عن نقاط الالتقاء لتشكيل برنامج سياسي وطني نواجه به العالم؟ ولماذا لا تتم دراسة تشكيل قيادة مشتركة لقيادة العمل السياسي الفلسطيني لمرحلة زمنية لا تتجاوز الأربع سنوات يتبعها تقييم شامل؟ لماذا لا يتم معالجة ملف تطوير منظمة التحرير وإصلاحها, باعتبار السلطة جزءا من مؤسساتها فالأولى إصلاح الأصل قبل الفرع, وبهذا يتضح لنا وجود سبل كثير بالإمكان من خلالها تحقيق الوحدة الفلسطينية إلا إذا اعتبرت الانتخابات وسيلة لإقصاء فريق فلسطيني فهل قبلتم به عندما جاء بالانتخابات ؟!, حتى تتم محاولة الإقصاء له بنفس الطريقة , إذا كانت هذا التفكير لا سمح الله , فإن المصالحة الحقيقية والتي يتطلع لها كل حر وغيور بعيدة المنال , ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ليست هناك تعليقات: